
ومن "الروتين" ما قتل !

وليد بدران
19 أبريل 2017
الهدف من الروتين في الدول المتقدمة هو تحقيق النظام في دورة العمل لتجنب الفوضى وتفعيل الإجراءات، أما في دول "أخرى" فغالبا من يكون الهدف هو "تعطيل" النظام و"خنق" الإجراءات لأهداف نفسية كإذلال الناس أو مادية كالحصول على رشوة!
في لندن عندما أردت نقل ابنتي من مدرسة لاخرى قدمت شهادة ميلادها وأجروا لها اختبارا في مدرستها الجديدة اعتقدت في البداية أنه لتحديد مستواها وتقرير ما إذا كانوا سيقبلونها أم لا؟ واكتشفت انه اختبار لتحديد المستوى بالفعل، ولكن ليقرروا كيف سيساعدونها لتطوير نفسها ومهاراتها.. ولكن عندما قمت بنفس الإجراء ذات يوم في مصر بنقل ابنتي من مدرسة إلى اخرى نظرا لبعد المدرسة القديمة الكبير عن المنزل كان الأمر مغامرة غير محسوبة العواقب. وقد استغرق الأمر شهرين و٤ اختبارات في المدرسة الجديدة ليقرروا أنها ناجحة وأنهم مستعدون لقبولها..
ثم بدأت رحلة العذاب.. فلأن مدرسة ابنتي الأولى تقع على طريق صحراوي خارج القاهرة وبالتالي فإنها في محافظة أخرى كان علي التوجه الى مديرية التربية والتعليم في تلك المحافظة، وبعد مغامرات وسط جحافل بشرية ودوخة أشبه بدوخة الأرملة على مكاتب الموظفين، واضطراري لطلب المساعدة الخارجة حصلت على الاختام والامضاءات اللازمة..
ولكن ذلك لم يكن كافيا إذ كان علي التوجه الى المنطقة التعليمية التي تتبعها المدرسة القديمة أيضا حيث لزم انتظار الموظفين ساعات طوال لأنهم في اجتماع، والحمد لله فزت بعد تلك الدوخة بالأختام والامضاءات اللازمة..
وهكذا انتهت المهمة مع المحافظة القديمة والمنطقة التعليمية القديمة لأخوض نفس المغامرة مع المحافظة الجديدة والمنطقة التعليمية الجديدة لأحصل على حفنة جديدة من الأختام والتوقيعات على نفس الورقة..
وبعد تلك الرحلة الطويلة حملت ورقة واحدة تفيد بقبول المدرستين القديمة والجديدة للنقل وعليها ١٦ ختما .. وعندما نظرت إلى الورقة انتابتني حالة من الاكتئاب والحزن..
إن ما ينجزه الآخرون في دقيقة ننجزه في ١٠ أيام.. وتذكرت لندن لتنتابني حالة من الاكتئاب والشجن والحنين إلى عاصمة الضباب.